للمساجد حرمة من نوع خاص ، فيجب على الداخل إلى المسجد أن يخلع حذائه لأنه بذلك يصون المكان الذي يسجد عليه من الأتربة التي يحملها باطن حذائه. ولكني لا أعتقد أن مكاتب ضباط المباحث لها نفس حرمة التي يتوجب على الداخل لمقابلة الباشا ضابط المباحث أن يخلع حذائه ويقف أمام عظمته حافيا خاشعا من قسوة الباشا الذي لا يرحم
والقصة انني ذهبت للقسم لتحرير محضر ضد نصاب قام بسرقتي واستولى على أموالي وتليفوني المحمول وأشياء أخرى ، ولكني فوجئت بأن المكان الذي يحمي القانون ويصونه وهو قسم الشرطة ، هو نفسه المكان الذي يجرد فيه القانون من قيمه كما يجرد المتهم من حذائه وهو داخل على الباشا. فالداخل مجرم حتى تثبت براءته ، والخارج هو مشتبه به
إن النظام المصري يثبت لنا يوما وراء التالي قدرته الفائقة على ضبط اتزانه وسحق معارضيه أو كل من تسول له نفسه تحديه وقول كلمة الحق ، وما السيدة التي واجهت ضابط المباحث الشرس إلا مثال بسيط على ذلك ، فهي جل غايتها أن تأتي بابنها المحتجز ببطانية لتقيه من برد يناير القارص ، فما كان لها أن اتهمت بالزنا وتلفيق قضية دعارة لمجرد أنها تجرأت وقالت له لا تسبني
كما أن آخر كان بحوزته سيجارة بانجو – لزوم كيفه يعني – وكل سنة وانتم طيبين علشان السنة الجديدة طبعا – فاحتفل هذا الشاب بالعام الجديد بعرضه على النيابة بتهمة حيازة باكتة بانجو – رغم أنها كانت سيجارة فقط – إلا ان الضابط يبدو أنه لم يستلطف تعليق الشاب بأنها أول مرة في حياته يقوم بشرب البانجو ، فكان جزاءه قضية اتجار في البانجو
إن دولة القانون التي يتحدث عنها رموز الدولة دائما ما هي إلا سراب يتلاشى عند أقدام الغلابة الذين قدر لهم النظام أن يظلوا غلابة – تماما مثل الأرانب وهو الموضوع الذي أثرته من قبل – وكل من يحاول أن يخرج من هذا الغلب فهو مارق على الطريقة الأمريكية ، فوجب حسابه وجزاءه في ثلاجة القسم والضرب والركل والسب بأقذع الألفاظ
أن حديثنا عن دولة القانون ودولة المواطنة سيستمر لأمد بعيد وطويل ، ويبدو أن مقولة أمل دنقل تحضرني عن دولة المباحث ، فيقول
أبانا الذي في المباحث ، نحن رعاياك
يبدو ان الحكومة بتتعامل معنا علي اساس لن احنا جزم ولازم ننضرب بالحزم وهذا هو عدل الهانا الذي في المباحث ؟؟ بالمناسبة لقيت الحرامي ولا لأ؟؟ ابقي قابلني لو لاقيت حد هيا المباحث فاضية
يا صاحبي اللي سرقك ده مواطن صالح بيسرق بس وعمره مارتكب الجريمة الكبري ( يقول لأ لابانا الذي في عابدين)