Monday, December 26, 2005
فن تربية الأرانب


تبين لي ذات مرة أن هناك علاقة قوية بين البني آدم والأرنب ، وقد زاد الموضوع من فضولي عندما بدأت أقرأ عن السلوك الحيواني للأرانب وطرق تربيتها وكانت نتائج البحث مدهشة

فقد تبين أن الأرانب هي أكثر الحيوانات خضوعا واستسلاما لقدرها وظروفها ، فالأرنب لا يثور مطلقا مهما تعرض إلى الأذي ، وهو يعيش ويموت فى أقفاص مغلقة لكنه لا يضيق بالسجن لأنه ببساطة لا يعرف معنى الحرية وبالتالى لا يتوق اليها أبدا ، والأرانب تنتقل من يد إلى يد بكل سهولة ، فيكفى أن تمسك الأرنب من ظهره حتى ينقاد إليك تماما دون أى اعتراض

إن احتياجات الأرنب فى حياته لا تزيد على ثلاثة أشياء: ركن آمن ينام فيه وطعام يشبع جوعه وأنثى يضاجعها.. وحتى هذه الطلبات البسيطة إذا لم تتوافر فان الأرنب يتألم من الحرمان وقد يمرض ويموت ،ولكنه لا يتمرد على وضعه أبدا.. الإذعان الكامل، إذن، هو القاعدة فى سلوك الأرانب لكن بعض الأرانب – أحيانا - تسلك سلوكا مختلفا ، ثلاثة أو أربعة ذكور من كل مائة أرنب تتمرد وتشاكس وتقاتل وقد تهاجم الأقفاص فى محاولة للخروج إلى الحرية ، هؤلاء المتمردون عددهم قليل لكن خطرهم عظيم على القطيع لأنهم قد يدفعون زملائهم إلى مشاركتهم فى التمرد ، ويجب على مربى الأرانب الماهر أن يحدد الأرانب المتمردة من البداية ثم يعزلها عن بقية القطيع ويضعها فى أقفاص خاصة حيث يسعى المربى إلى إرضائها بتوفير الطعام اللذيذ وتقديم الإناث الجميلات ، فإذا فشلت هذه الطريقة واستمرت الأرانب فى إثارة الشغب فان المربى يلجأ حينئذ إلى الحل الأخير وهو الاخصاء ، فيتم نزع الخصيتين من كل أرنب مشاغب ، وعندئذ يتحول الأرنب الثائر إلى حيوان مخصى مستسلم وهادئ تماما وينصرف الى لذته الوحيدة الباقية: الطعام ، حيث يظل الأرنب المخصى يأكل ويأكل بلا توقف حتى يزداد وزنه للغاية و قد يموت أحيانا من التخمة

والحق ، أن النظام في بلدنا يعامل البني آدمين المصريين كما يعامل صاحب المزرعة الأرانب التى يملكها ، فهو يرى أن حقهم الوحيد ألا يموتوا من الجوع ومن ثم فهو لا يهتم إطلاقا بآرائهم أو بإرادتهم ويرى أنهم لا يستحقون الديمقراطية وفى نفس الوقت يتوقع منهم الطاعة المطلقة ، والمواطن الذى يتمرد على النظام يتم تطبيق سياسة صاحب الأرانب معه: الإغراء أو الاخصاء

إن قيادة الحزب الوطنى ولجنة السياسات وصحف الحكومة حافلة بأسماء مثقفين ، كانوا فى السابق أرانب متمردة فلما تم نقلهم إلى أقفاص جديدة والإغداق عليهم تخلوا عن تمردهم ودخلوا فى طاعة النظام مقابل الامتيازات والحياة السهلة.. أما من يظل على معارضته فلا يكون أمام النظام ، تماما مثل صاحب الأرانب ، إلا اخصاؤه ويتم ذلك يوميا فى المجازر البشرية فى مباحث أمن الدولة والمعتقلات

إن المتحكمون فى هذا البلد يتصرفون فى مستقبلنا وكأننا شعب من الأرانب ، بلا كرامة ولا رأى ولا حقوق ، على أننا مسئولون لأننا نسمح لهم بذلك ، ولو أن كل المعترضين على الاستبداد والفساد رفعوا أصواتهم عاليا لاضطر النظام إلى احترام آدميتنا

إن في مصر ملايين الوطنيين الشرفاء الذين يرفضون أن يتم تسليمهم من يد إلى يد مثل الأرانب ، وإن كان ما يميزهم عن الأرانب هو أن أمامهم خيارين: إما الموت جوعا وإما الموت مخصيا
 
posted by المواطن المصري العبيط at 2:28 PM | Permalink |


6 Comments:


  • At Wednesday, February 15, 2006 1:01:00 PM, Anonymous Anonymous

    المقال ده جامد جدا واسلوبك بجد تحفة انا الاول فتحت البلج بتاعك وكنت مش ناوية اقرا حاجات كتيرة فيه علشان عامل الوقت بس فعلا الاسلوب شدنى وخلانى اقرا كل التعليقات بتاعتك واقترحه على اصحابى كمان... بجد ربنا يوفقك

     
  • At Wednesday, June 14, 2006 12:25:00 PM, Anonymous Anonymous

    المقال حلو جدا الحكومه نتربينا زي الارانب و على فكره نتدلع اصحاب الارانب بردوا

     
  • At Wednesday, November 01, 2006 11:51:00 PM, Anonymous Anonymous

    then what should I do to prevent myself from becoming a rabbit?....do I have to refuse anything and everything ?....I began marching in demonstrations since the war on lebanon but then I read some articles about KEFAYA and the corruption within the movement and its leadership.....please help I don wanna b a rabbit.....
    el masry affendi

     
  • At Friday, December 29, 2006 3:50:00 AM, Anonymous Anonymous

    انت ارتضيت ان تكتب مقالك فى موقع عنوانه المواطن المصرى العبيط ولا أعلم ان كنت انت صاحب هذا الموقع وكان اجدى بك ان تكتب مقالك بموقع عنوانه الرئيس المصرى العبيط على اعتبار انك واحد من(المتمردين ) بالله عليك
    اذا كنت انت ارتضيت هذا لماذا اذن انت غاضب اذا عوملنا مثل قطيع من الارانب ؟

     
  • At Tuesday, June 05, 2007 7:21:00 PM, Anonymous Anonymous

    ماشي يا بني أدمين

    أرنوووووووب

     
  • At Sunday, January 05, 2014 12:41:00 AM, Blogger دكتور محمد على

    لما حضرتك تنقل مقال عن كاتب محترم
    من الأمانة ذكر اسمه
    القال ده للدكتور علاء الأسوانى
    ولو فى ملكية فكرية فى مصر
    الوضع كان هيبقى غير كده خالص