Sunday, December 25, 2005
بغداد ، دمشق ، القاهرة ، أو الستار الحديدي

في التاسع من إبريل عام 2003 يوم سقوط أولى عواصم الديكتاتورية العربية ، كان الجميع يعي جيدا أن بغداد لن تكون آخر المدن التي يجتاحها التغيير، وربما خير دليل على أنه بعد هذا التاريخ فزعت كل العواصم العربية من نومها العميق ودب في زعمائها نشاط ملحوظ وأخرجت قصورهم مبادرات وهمية للتغيير والاصلاح

لم تكن إرادة الشعوب في التغيير هي المحرك ، ولم تكن رغبة الأباطرة العرب في الاصلاح هي الدافع، بل ولم يتأثر الكثير منهم بالصورة الحاضرة في الأذهان لقوات المارينز والدبابات والطائرات الأمريكية وهي تدك العراقيين العزل ، إنهم حتى لم يخافوا من الدمار الذي قد يحل على شعوبهم من جراء الحرب

إن جل ما حرك أردافهم وعجل من خطاهم للعب أدوار البطولة في مسرحية الاصلاح السخيفة هي صورة صدام حسين وهو مكبل بالأغلال ويحاكم من إناس لم يكن يتخيل يوما بأنه سوف يكون موجود معهم في قاعة واحدة. صدام بلا حرس جمهوري، بلا سلاح، بلا خوف، بل وبلا ملابس في بعض الأحيان

إن كل يوم يمر يثبت لنا مدى غباء هذه الأنظمة التي تحكمها مجموعة من الدرافيل الذين لا يسمنون ولا يغنون من جوع ، فلو كانت الولايات المتحدة تريد القضاء على هذه الأنظمة لفعلت في الحال ، وما العراق الآن – رغم كل سلبيات التجربة – إلا مثالا أصبح يحتذى به في الديمقراطية وحكم الشعب حتى أنه بات يصنف الآن حسب التقارير الدولية للمؤشرات الديمقراطية - ثالثا في منطقة الشرق الأوسط بعد إسرائيل ولبنان

لو كانت الولايات المتحدة بهذا الغباء ، وأنها لا محالة آتية بجيوش جرارة لا أول لها ولا آخر، وأن قواتها من المارينز سيفتحون عواصم الستار الحديدي ، من بغداد إلى دمشق ثم إلى القاهرة ، حتى تدين من بعدهم باقي قلاع الديكتاتورية بالولاء للحاكم الأمريكي ، هي كلها أمور أشبه بأفلام الخيال العلمي التافهة التي تتحدث عن أفكار النبوءة ونظرية المؤامرة، حتى يأتي البطل الذي يخلص البلاد من البلاء والوباء ويحكم شعبه في سلام وأمان وتبات ونبات

هناك لعبة جديدة، لعبة الديمقراطية، وهي لعبة بالمناسبة لا تراق فيها دماء الأبرياء ولا تباح فيها هتك الأعراض ولا تنتقص فيها من كرامة الشعوب، يبدوا أن الأغبياء لا يعرفون أن الثمرة عندما تنضج تسقط من تلقاء نفسها، وأن عروشهم وجيوشهم قد أستفاضت في نضجها على أشجار الفساد، وأن وقت سقوطها آت لا محالة
إن قواعد اللعبة قد أمست الآن واضحة ، فالشعوب هي التي ترى، وهي التي تقرر، وهي التي تسقط الثمار، فقد أمست رائحة هذا الأخيرة عفنة ولن يطيقها أحد منهم أكثر من ذلك
 
posted by المواطن المصري العبيط at 2:34 PM | Permalink |


0 Comments: