فقد تبين أن الأرانب هي أكثر الحيوانات خضوعا واستسلاما لقدرها وظروفها ، فالأرنب لا يثور مطلقا مهما تعرض إلى الأذي ، وهو يعيش ويموت فى أقفاص مغلقة لكنه لا يضيق بالسجن لأنه ببساطة لا يعرف معنى الحرية وبالتالى لا يتوق اليها أبدا ، والأرانب تنتقل من يد إلى يد بكل سهولة ، فيكفى أن تمسك الأرنب من ظهره حتى ينقاد إليك تماما دون أى اعتراض
إن احتياجات الأرنب فى حياته لا تزيد على ثلاثة أشياء: ركن آمن ينام فيه وطعام يشبع جوعه وأنثى يضاجعها.. وحتى هذه الطلبات البسيطة إذا لم تتوافر فان الأرنب يتألم من الحرمان وقد يمرض ويموت ،ولكنه لا يتمرد على وضعه أبدا.. الإذعان الكامل، إذن، هو القاعدة فى سلوك الأرانب لكن بعض الأرانب – أحيانا - تسلك سلوكا مختلفا ، ثلاثة أو أربعة ذكور من كل مائة أرنب تتمرد وتشاكس وتقاتل وقد تهاجم الأقفاص فى محاولة للخروج إلى الحرية ، هؤلاء المتمردون عددهم قليل لكن خطرهم عظيم على القطيع لأنهم قد يدفعون زملائهم إلى مشاركتهم فى التمرد ، ويجب على مربى الأرانب الماهر أن يحدد الأرانب المتمردة من البداية ثم يعزلها عن بقية القطيع ويضعها فى أقفاص خاصة حيث يسعى المربى إلى إرضائها بتوفير الطعام اللذيذ وتقديم الإناث الجميلات ، فإذا فشلت هذه الطريقة واستمرت الأرانب فى إثارة الشغب فان المربى يلجأ حينئذ إلى الحل الأخير وهو الاخصاء ، فيتم نزع الخصيتين من كل أرنب مشاغب ، وعندئذ يتحول الأرنب الثائر إلى حيوان مخصى مستسلم وهادئ تماما وينصرف الى لذته الوحيدة الباقية: الطعام ، حيث يظل الأرنب المخصى يأكل ويأكل بلا توقف حتى يزداد وزنه للغاية و قد يموت أحيانا من التخمة
والحق ، أن النظام في بلدنا يعامل البني آدمين المصريين كما يعامل صاحب المزرعة الأرانب التى يملكها ، فهو يرى أن حقهم الوحيد ألا يموتوا من الجوع ومن ثم فهو لا يهتم إطلاقا بآرائهم أو بإرادتهم ويرى أنهم لا يستحقون الديمقراطية وفى نفس الوقت يتوقع منهم الطاعة المطلقة ، والمواطن الذى يتمرد على النظام يتم تطبيق سياسة صاحب الأرانب معه: الإغراء أو الاخصاء
إن قيادة الحزب الوطنى ولجنة السياسات وصحف الحكومة حافلة بأسماء مثقفين ، كانوا فى السابق أرانب متمردة فلما تم نقلهم إلى أقفاص جديدة والإغداق عليهم تخلوا عن تمردهم ودخلوا فى طاعة النظام مقابل الامتيازات والحياة السهلة.. أما من يظل على معارضته فلا يكون أمام النظام ، تماما مثل صاحب الأرانب ، إلا اخصاؤه ويتم ذلك يوميا فى المجازر البشرية فى مباحث أمن الدولة والمعتقلات
إن المتحكمون فى هذا البلد يتصرفون فى مستقبلنا وكأننا شعب من الأرانب ، بلا كرامة ولا رأى ولا حقوق ، على أننا مسئولون لأننا نسمح لهم بذلك ، ولو أن كل المعترضين على الاستبداد والفساد رفعوا أصواتهم عاليا لاضطر النظام إلى احترام آدميتنا
إن في مصر ملايين الوطنيين الشرفاء الذين يرفضون أن يتم تسليمهم من يد إلى يد مثل الأرانب ، وإن كان ما يميزهم عن الأرانب هو أن أمامهم خيارين: إما الموت جوعا وإما الموت مخصيا
المقال ده جامد جدا واسلوبك بجد تحفة انا الاول فتحت البلج بتاعك وكنت مش ناوية اقرا حاجات كتيرة فيه علشان عامل الوقت بس فعلا الاسلوب شدنى وخلانى اقرا كل التعليقات بتاعتك واقترحه على اصحابى كمان... بجد ربنا يوفقك